الكون
نشأة الكون
لطالما كان التأمل في نشأة الكون محورًا جوهريًا للتساؤلات الفلسفية والعلمية عبر العصور. ومن خلال النظر الشامل لمفهوم “الكون”، الذي يشمل كل الماديات الموجودة داخل المجرات وما قد يكون خارجها.
ظهرت العديد من النظريات التي حاولت تفسير نشوء هذا الكون وأسباب وجوده، بعيدًا عن المفاهيم الدينية. ومع ذلك، تبقى هذه النظريات مبنية على فرضيات غير مؤكدة، وتفتقر إلى أدلة قاطعة تثبت صحتها.
تعجز العلوم المادية، كعلم الفيزياء والطبيعة، عن تقديم إجابات شاملة لمسائل تتجاوز المادة، ومنها مسألة أصل الكون بأكمله. ومن هذا المنطلق، نوجه بحثنا نحو قوة المنطق ودقة علم الرياضيات، الذي يُعد أحد أكثر العلوم منهجية ومنطقية، لاستقصاء الحقيقة وإيجاد فهم أعمق لهذه القضية الكونية الكبرى.
في علم الرياضيات، تُستخدم طريقة للوصول الى الجواب الصحيح عبر دحض جميع الاحتمالات الأخرى. يمكننا تطبيق هذه المنهجية للوصول الى حقيقة هذا الكون. وعند تناول مسألة نشأة الكون بعمومها، يتضح أن الاحتمالات الممكنة تقتصر على أربعة فقط لا خامس لها:
– أن هذا الكون بأكمله قد نشأ بشكل مقصود، أي خُلق بواسطة قوة عليا (الله).
– أن هذا الكون بأكمله ظهر نتيجة الصدفة.
– أن هذا الكون بأكمله كان موجودًا منذ الأزل.
– أن هذا الكون بأكمله غير موجود أصلاً.
هذه الاحتمالات الأربعة تغطي كل ما يمكن تصوره بشأن وجود الكون، وتشمل كل ما ينتمي إلى نطاق الوجود سواء كان ظاهراً أو خافياً.
دعونا ندرس كل احتمال منها بدقة ومنهجية للوصول إلى استنتاجات تعزز فهمنا لهذه القضية الوجودية المحورية.


– فرضية عدم وجود هذا الكون
فكرة أن العالم الذي نعيش فيه غير موجود تبدو غير منطقية ويسهل دحضها.
فكما قال الفيلسوف ديكارت: “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”. التفكير ذاته يُعد دليلًا على وجودنا.
وبالحديث عن الفلاسفة الذين ادّعوا أن العالم مجرد وهم، تظهر العديد من الملاحظات:
أولًا، لم يقدموا في مؤلفاتهم أدلة ملموسة تدعم هذا الادعاء، بل اكتفوا بالتأملات الفلسفية المبنية على الظن.
ثانيًا، هم أنفسهم لم يصدقوا بأن هذا العالم مجرد وهم، وإلا لما قاموا بكتابة كتبهم ونشر أفكارهم. فمن يكتب كتابًا أو ينشر نظريات لأوهام؟ هذا التصرف وحده دليل على إيمانهم بوجود قرّاء حقيقيين يمكنهم فهم وتفسير أفكارهم.
– فرضية أزلية الكون
كان مفهوم “أزلية الكون” لوقت طويل ركيزة أساسية للإلحاد، إذ إن قبول فكرة أن للكون بداية ينطوي ضمنيًا على الاعتراف بفكرة خلقه، وهو ما يقود إلى الإيمان بوجود خالق، أي الله. ولهذا السبب، أصر الملحدون عبر العقود على أزلية الكون، رغم افتقار هذا الطرح لأي أساس علمي أو دليل.
جورج بوليتزر، أحد أبرز دعاة الفكر المادي في القرن العشرين، دافع بشدة عن هذه الفكرة في مؤلفاته. فقد تبنى نموذج الكون الأزلي دون تحفظ، ورفض قطعًا فكرة خلق العالم. في كتابه “أساسيات الفلسفة”، يقول: «لم يُخلق الكون؛ لأنه لو خُلق، لكان ذلك يعني أن الله قد خلقه من العدم وفي لحظة محددة. إن الاعتراف بالخلق يستلزم الإقرار بوجود لحظة لم يكن فيها الكون موجودًا، وأن شيئًا ما نشأ من اللاشيء، وهو أمر يرفضه العلم تمامًا.»
كان بوليتزر مؤمنًا بأن العلم سيقف حليفًا لفكرة الكون الأزلي، إلا أن الحقائق العلمية لاحقًا أثبتت خلاف ذلك. منذ العشرينيات، بدأت تظهر أدلة متزايدة تشير بوضوح إلى أن للكون بداية، وأنه انبثق عن نقطة ذات “حجم صفر”، حيث كانت كل مادة وطاقة الكون مركزة في تلك النقطة. هذه اللحظة الحاسمة، التي تُعرف بالانفجار الكبير، تم تأكيدها من خلال العديد من الملاحظات الفلكية.
يشير مفهوم الانفجار الكبير إلى حقيقة جوهرية: إن وصف شيء ما بأنه ذو “حجم صفر” يعادل القول بأنه “لا شيء”. وبذلك، يمكن القول إن الكون كله نشأ من “اللاشيء”، وهو ما يتناقض مع ادعاءات الماديين بشأن أزليته.
الدليل العلمي: الإنتروبيا والطاقة
بالنظر إلى الكون كنظام مغلق لا يكتسب أو يفقد الطاقة من خارجه، فإن مجموع الطاقة فيه يظل ثابتًا. غير أن هذه الطاقة تتحول بشكل مستمر من أشكال منظمة قابلة للاستخدام إلى أخرى أقل تنظيمًا وغير قابلة للاستخدام، بفعل الإنتروبيا.
مع مرور الزمن، تزداد الإنتروبيا تدريجيًا، مما يؤدي إلى انخفاض كمية الطاقة المنظمة.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
• الإشعاع الخلفي الكوني (CMB): تقل درجة حرارته تدريجيًا مع توسع الكون، مما يعني أن الطاقة تنتشر عبر مساحة أكبر وتصبح أقل كثافة وأقل قدرة على أداء العمل.
• احتراق النجوم: النجوم تستهلك وقودها النووي تدريجيًا، مما سيؤدي في النهاية إلى انطفائها التام وترك الكون في حالة موت حراري.
التوسع المستمر للكون وزيادة الإنتروبيا يشير بوضوح إلى أن نهايته ستكون في حالة “موت حراري”، حيث تتساوى الطاقة في توزيعها، وتصل العمليات الديناميكية إلى حالة توقف تام. وهذه الحقيقة ترتبط بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على زيادة الإنتروبيا مع مرور الوقت.
لو كان الكون أزليًا، لكانت الطاقة القابلة للاستخدام قد استُهلكت بالكامل منذ الأزل، ولكانت الإنتروبيا قد وصلت إلى أقصى درجاتها، تاركة الكون في حالة “توازن حراري” ثابت لا يمكن حدوث أي تغيير فيه. لكن وجود النجوم النشطة والعمليات الفيزيائية والكيميائية يشير إلى أن زمن الكون محدود، وبالتالي فهو ليس أزليًا.
الذي يدحض فرضية أزلية الكون هو ان العلم اثبت ان للكون بداية وحتى انه من خلال مجموعة من الأدلة المستقلة والقوية وصل الى عمر الكون والذي يقدر بحوالي 13.8 مليار سنة.
البراهين الدالة على عمر الكون:
1. قياس توسع الكون و”ثابت هابل” (The Hubble Constant)
تُمثِّل هذه الطريقة الأساسية والأكثر مباشرةً لقياس عمر الكون.
ففي عام 1929 لاحظ العالم إدوين هابل أن المجرات تبتعد عنا، وأن سرعة ابتعادها تتناسب طرديًا مع بعدها عنا. مما يعني أن الكون في حالة توسع مستمر.
وإذا أعيد حساب هذا التمدد رياضيًا إلى الوراء (مشابه لعرض شريط فيديو بشكل عكسي)، ستتقارب المادة والطاقة إلى نقطة واحدة شديدة الكثافة والحرارة – ما نسميه اليوم الانفجار العظيم.
ومن خلال حساب معدل التوسع الحالي، المعروف بـ ثابت هابل H₀، يمكن تقدير الزمن الذي استغرقه الكون ليتوسع إلى حجمه الحالي. هذه الحسابات تقودنا إلى عمر للكون يُقدّر بحوالي بنحو 13.8 مليار سنة.
2. إشعاع الخلفية الكونية الميكروي (Cosmic Microwave Background – CMB)
يُعدُّ هذا الدليل أقوى برهان تجريبي على صحة نموذج الانفجار العظيم، كما أنه يُقدِّم القياس الأكثر دقة لعمر الكون.
وهو ضوء خافت جدًّا يَملأ أرجاء الكون، ويمثِّل البقايا الإشعاعية من المراحل الأولى لنشأة الكون. حينها برد الكون بشكل كافٍ لتتشكل الذرات المحايدة ويصبح شفافًا.
قامت مهمات فضائية متطورة مثل مسبار ويلكينسون (WMAP) ومرصد بلانك (Planck) برسم خريطة دقيقة جدًا للتفاوتات الطفيفة في درجات الحرارة في هذا الإشعاع.
تمثِّل هذه الخريطة “صورةً طفولية” للكون. وقام العلماء على تحليل أنماط البقع الساخنة والباردة في هذه الصورة وحددت المعلمات الأساسية للكون بدقة مذهلة، ومن بينها:
– كثافة المادة الطبيعية والمادة المظلمة.
– كثافة الطاقة المظلمة.
– معدل التوسع (ثابت هابل).
وباستخدام هذه القيم في إطار نموذج الانفجار العظيم القياسي، نحصل على عمر الكون بدقة مذهلة تقارب 13.8 مليار سنة مع هامش خطأ لا يتجاوز 0.1%.
3. أعمار النجوم القديمة (علم الفلك النجمي)
هذه طريقة مستقلة تعتمد على محتويات الكون نفسه، وليس على تمدده.
إذ لا يمكن لأي نجم أن يكون أقدم من الكون، لذا فإن معرفة أعمار أقدم النجوم يعطينا حدًا أدنى لعمره.
من أبرز هذه النجوم:
– العناقيد الكروية (Globular Clusters): وهي مجموعات كثيفة من النجوم القديمة. بدراسة سطوعها وألوانها باستخدام مخطط هرتزبرونغ–راسل (Hertzsprung–Russell diagram)، يمكن تقدير أعمارها.
– نجوم الجيل الثاني (Population II stars): وهي نجوم فقيرة بالمعادن الثقيلة، ما يدل على أنها تكوّنت في وقت مبكر جدًا من تاريخ الكون.
تُقدّر أعمار أقدم هذه النجوم في مجرتنا بين 11 و13 مليار سنة، وهو ما يتفق تمامًا مع عمر الكون البالغ 13.8 مليار سنة.
4. وفرة العناصر البدائية (الاندماج النووي في الانفجار العظيم)
خلال الدقائق الأولى بعد الانفجار العظيم، كان الكون حارًا وكثيفًا بما يكفي لحدوث اندماج نووي، أدّى إلى تكوّن العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم والليثيوم والديوتيريوم (نظير الهيدروجين).
نِسب هذه العناصر تعتمد على كثافة الكون ومعدل توسعه في تلك اللحظة المبكرة. وبقياس معدلاتها في السحب الغازية البعيدة والنجوم القديمة، ومقارنتها بالتوقعات النظرية، نجد تطابقًا كبيرًا يؤكد صحة النموذج الكوني ويعزز التقدير العمري للكون عند 13.8 مليار سنة.
خلاصة الأمر:
لا يكمن البرهان الحقيقي لعمر الكون في طريقة واحدة، بل في حقيقة أن هذه الطرق المستقلة تمامًا – تمدد الفضاء، وأشعة أقدم ضوء، وتاريخ أقدم النجوم، وكيمياء الكون البدائية – تشير جميعها إلى نفس الإجابة تقريبًا، وهي أن عمر الكون هو حوالي 13.8 مليار سنة.


– فرضية نشوء الكون عن طريق الصدفة
بعد أن أصبحت بداية الكون حقيقة علمية مدعومة بأدلة قوية، أصبح بالإمكان حساب احتمالية وقوع بعض الظواهر الكونية التي ثبتت علميًا، مثل الانفجار العظيم، وانخفاض الإنتروبيا في لحظاته الأولى، وعلاقتها بالثقوب السوداء التي تُعدّ ذروة التركيز الإنتروبي نسبةً إلى حجمها. ومن هنا، يمكننا تقييم مدى معقولية فرضية نشوء هذا الكون عالي الانتظام عن طريق الصدفة.
فالصدفة، من منظور الرياضيات، ليست مجرد فكرة فلسفية، بل مفهوم قابل للقياس.
وفي هذا الصدد، قام العالم الرياضي والفيزيائي الشهير روجر بنروز بحساب هذه الاحتمالية، ليصل إلى نتيجة تكاد تفوق حدود الخيال:
واحد مقسوم على عشرة مرفوعة إلى القوة عشرة، مرفوعة بدورها إلى القوة 123.
هذا الرقم يساوي 1230 صفرًا بعد الفاصلة. أي:
0001(1230 صفرًا)000 , 0
من الصعب حتى تخيّل حجم هذا الرقم. فمثلًا، 10 مرفوعة إلى القوة 123 تساوي واحدًا يتبعه 123 صفرًا، وهو رقم يفوق بكثير عدد الذرات في الكون المرئي، المقدّر بحوالي 10 مرفوعة إلى القوة 80. أما رقم بنروز فهو رقم لا يحمل اسمًا في الرياضيات، ولا يمكن للعقل البشري أن يستوعب ضخامته — أو بالأحرى صغره، لأنه يمثل جزءًا ضئيلًا من الواحد.
ولتقريب الصورة، فإن 10 مرفوعة إلى القوة 6 تساوي مليونًا (واحد يتبعه 6 أصفار). أما رقم بنروز، فهو واحد يتبعه عدد من الأصفار يساوي 10 مرفوعة إلى القوة 123، أي رقم يفوق الوصف والتخيل.
من الناحية العملية، فإن أي احتمال أقل من 1/(10 مرفوعة إلى القوة 50) يُعدّ صفرًا رياضيًا (أي صفر فاصلة 50 صفرًا ثم 1). واحتمال بنروز لنشأة الكون أصغر من ذلك بما لا يُحصى من المرات لأنه صفر فاصلة 1230 صفرًا ثم 1.
باختصار، إن نشوء كوننا بهذا الانتظام والدقة عن طريق الصدفة هو أمر مستحيل إحصائيًا وعمليًا، مما يدفعنا إلى استبعاد فرضية النشوء العشوائي، على الأقل في ضوء ما نملكه من أدلة حتى يومنا هذا. إلا إذا أراد أحدنا أن يتبنى أفكارًا مبنية على الظن والأساطير وبعيدًا عن منطق العلم ومنهجه.
آراء بعض العلماء حول نشأة الكون
– يشير ستيفن هوكينج (Stephen Hawking)، أحد كبار علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون، في كتابه “تاريخ موجز للزمن” (A Brief History of Time)، إلى توازن مذهل في القوى الأساسية للكون، فيقول:
“If the rate of expansion one second after the Big Bang had been smaller by even one part in a hundred thousand million million, it would have recollapsed before it reached its present size.”
لو أن سرعة التوسع بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم كانت أبطأ حتى بمقدار جزءٍ واحد من مئة ألف مليون مليون، لانهار الكون على نفسه قبل أن يبلغ حجمه الحالي.
– ويعلق بول ديفيز (Paul Davies)، أستاذ الفيزياء النظرية حائز على جائزة تمبلتون، على طبيعة الانفجار العظيم في كتابه “The Cosmic Blueprint” بقوله:
“The explosive power of the universe was matched with unbelievable precision to its gravitating power. The big bang was therefore no arbitrary mess, but a unique event of astonishingly calculated form.”
تطابقت القوة المتفجرة للكون بدقة لا تُصدق مع قوة جاذبيته. لذا لم يكن الانفجار العظيم فوضى عشوائية، بل كان حدثًا فريدًا محسوبًا بشكل مذهل.
ويضيف:
“It was like firing a bullet into a grain store and having the bullets carefully sacked and stacked for shipment, instead of strewn everywhere.”
كان الأمر أشبه بإطلاق رصاصة داخل مخزن غلال، لتنتهي الحبوب مُعبأة في أكياس ومُرتّبة بدقة استعدادًا للشحن، بدلاً من أن تتشتت في كل مكان.
– أندريه ليندي (Andrei Linde)، فيزيائي وفلكي، يقول مستغربًا في “Inflationary Cosmology”:
“The expansion of the universe started simultaneously everywhere. How could this synchronisation occur? What orchestrated its cessation?”
بدأ توسع الكون بشكل متزامن في كل مكان. كيف يمكن لهذا التزامن أن يحدث؟ وما الذي نظّم إيقافه؟
– فريد هويل (Fred Hoyle)، عالم فضاء ورياضيات وفيزيائي نووي، يقول عبر مقابلة في “The Listener”:
“An explosion simply throws things apart. Yet the Big Bang mysteriously drew things together. The universe clumped into galaxies.”
الانفجار العادي يقتصر على تفريق الأشياء. بيد أن الانفجار العظيم جمع الأشياء معًا بشكل غامض. فتكتل الكون مشكّلاً المجرات.
كما أنه ذكر في مجلة “Annual Review of Astronomy and Astrophysics” العدد 20، 1982:
“A common sense interpretation of the facts suggests that a superintellect has monkeyed with physics, as well as with chemistry and biology, and that there are no blind forces worth speaking about in nature. The numbers one calculates from the facts seem to me so overwhelming as to put this conclusion almost beyond question.”
التفسير المنطقي للوقائع يشير إلى أن ‘عقلًا فائقًا’ قد عبث بالفيزياء والكيمياء والأحياء، وأنه لا وجود لقوى عمياء تُذكر في الطبيعة. الأرقام التي نحسبها من هذه الوقائع تبدو لي ساحقة إلى درجة تجعل هذا الاستنتاج شبه مؤكد.
– مارتن ريس (Martin Rees)، عالم كونيات بريطاني، وعالم الفلك الملكي، يتعجب في “Just Six Numbers: The Deep Forces That Shape The Universe” ويقول:
“These six numbers constitute a ‘recipe’ for a universe. Moreover, the outcome is sensitive to their values: if any one of them were to be ‘untuned’, there would be no stars and no life. Is this tuning just a brute fact, a coincidence? Or is it the providence of a benign Creator?”
هذه الأرقام الستة تشكل ‘وصفة’ للكون. علاوة على ذلك، النتيجة حساسة لقيمها: لو أن أيًا منها كان غير مضبوط، لما وُجدت النجوم ولا الحياة. هل هذا الضبط مجرد حقيقة غامضة، صدفة؟ أم أنه عناية من خالق رحيم؟
– جورج إيليس (George Ellis)، عالم كونيات وفيزيائي نظري مرموق، زميل الجمعية الملكية، يقول في إحدى المقالات في مجلة “Nature” العدد 435، 2005:
“Amazing fine-tuning occurs in the laws that make this [complexity] possible. Realization of the complexity of what is accomplished makes it very difficult not to use the word ‘miraculous’ without taking a stand as to the ontological status of the word.”
يحدث ضبط مذهل في القوانين التي تجعل هذا [التعقيد] ممكنًا. إدراك التعقيد الذي تم إنجازه يجعل من الصعب جدًا ألا نستخدم كلمة ‘معجزة’ دون أن نأخذ موقفًا بشأن الوضع الأنطولوجي للكلمة.
– إتش. بي. ليبسون (H.S. Lipson) يقول في “Physics Bulletin”، المجلد 31، 1980:
“If living matter is not caused by the interplay of atoms, natural forces, and radiation, how has it come into being? … I think, however, that we must go further than this and admit that the only acceptable explanation is creation. I know that this is anathema to physicists, as indeed it is to me, but we must not reject a theory that we do not like if the experimental evidence supports it.”
إذا لم تكن المادة الحية ناتجة عن تفاعل الذرات والقوى الطبيعية والإشعاع، فكيف نشأت؟ … أعتقد أننا يجب أن نذهب أبعد من ذلك ونعترف بأن التفسير الوحيد المقبول هو الخلق. أعلم أن هذا مرفوض من قبل الفيزيائيين، كما هو الحال بالنسبة لي، لكن لا ينبغي لنا أن نرفض نظرية لا نحبها إذا كانت الأدلة التجريبية تدعمها.
– ألان سانديج (Allan Sandage)، عالم فلك رائد، حائز على جائزة كرافورد في الفلك (ما يعادل نوبل في الفلك)، يقول في إحدى المقابلات في مجلة “Washington Post” 1991:
“I find it quite improbable that such order came out of chaos. There has to be some organizing principle. God to me is a mystery but is the explanation for the miracle of existence, why there is something instead of nothing.”
أجد من المستبعد جدًا أن ينبثق مثل هذا النظام من الفوضى. لا بد من وجود مبدأ تنظيمي. الله بالنسبة لي هو لغز، لكنه التفسير لمعجزة الوجود، لماذا هناك شيء بدلاً من لا شيء.
الخلاصة:
هذه الآراء تؤكد أن الكون مضبوط بدقة متناهية عبر ثوابت فيزيائية وظروف أولية، وأنه بدون هذا الضبط، يستحيل وجود النجوم، الكواكب، أو الحياة. وهذا يجعل احتمال أن تكون هذه الدقة نتيجة صدفة عمياء هو احتمال ضئيل رياضياً إلى درجة الاستحالة الفعلية.
الاستنتاج المنطقي الوحيد لهذه الدقة الساحقة هو وجود “مبدأ تنظيمي” أو “عقل فائق” وراءها، بغض النظر عن التسمية التي نطلقها عليه كما صرح العديد من العلماء. حتى العلماء الملحدون مثل ستيفن هوكينج اعترفوا بهذه المعضلة وحاولوا حلها بنظريات افتراضية غير قابلة للاختبار التجريبي العلمي.
تشير المعطيات العلمية إلى أن نشأة الكون لا يمكن تفسيرها بالصدفة المحضة، وأن النظريات التي تحاول تفسير ظهوره على صورته الحالية بعيدًا عن افتراض وجود خالق، تعاني ثغرات معرفية وتقوم على افتراضات لا سند لها من الأدلة العلمية.

– الاحتمال الوحيد الذي يقبله العلم والعقل والمنطق هو ان لهذا العالم خالق وصانع ومدبر, الذي أوجد هذا الكون بذراته وقوانينه.
لا يوجد أي شيء في هذا الكون يتعارض مع فكرة وجود خالق عظيم أعظم من أن يقارن مع ما بهذا الكون ولا يقارن مع الكون نفسه.
كلما فهم الشخص أي نوع من أنواع العلوم بشكل أعمق، سواء كان ذلك دراسة جسد الانسان او الكون أو أي شيء من مكونات الطبيعة، كلما وجد أدلة التي لا يمكن إنكارها على وجود انسجام مطلق وابداع باهر وخطة عظيمة ومشروع لا يضاهى مما يثبت ان هذا الكون نشأ بفضل خالق عظيم.
ولقد خصصنا لهذا الموضوع باب خاص ووضعنا به بعض الادلة التي تثبت وجود الإله.